الحرية السياسية فى المنهجية الإسلامية بقلم مهندس محمد المصري . ليسانس أصول الدين
خطبة جمعة.. الحرية السياسية فى المنهجية الإسلامية
بقلم مهندس محمد المصري . ليسانس أصول الدين
إن حرية أبداء الرأي مكفولة في الإسلام سواء أكان الرأي له وجاهة أو كان الرأي ضعيفاً ، سواء كان الرأي المخالف هو رأى الحاكم أو رأى المحكوم ، ما حورب أحد بسبب إبداء رأيه ولا أقصى أحد بسبب معارضة رأيه لرأى الحاكم ، وقد تجلت الحرية في أوضح صورها في حياة النبي وعهد الخلفاء الراشدين – رضي الله عنهم فلقد أرسى القرآن مبدأ " لا إكراه في الدين" :ليؤكد مبدأ الحرية بجميع صورها، فإذا كان الله عز وجل لا يكره عباده على الإيمان به وطاعته، فكيف يتصور أن يكره عباده على الخضوع والطاعة لغيره من البشر
عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، و رجل قام إلى إمام جائر فأمره و نهاه فقتله " . أخرجه الحاكم وصححه الألباني ، وانظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم فأمره ونهاه وكيف يدل على أن المخالفة قد وصلت لمرحلة تعدت فيها إبداء الرأي لمرحلة الأمر والنهى والأمر والنهى إنما يكون من الحاكم للمحكوم وليس العكس ليدلل ذلك على وجوب التعاطي مع الرأي المخالف حتى ولو كان أسلوبه غير سليم ، كما يدل على أن الحاكم الظالم لا حصانة له ، بل يؤمر وينهى ولا يعد ذلك خروجاً عليه وإذا غضب هذا الحاكم ورفض الرأي المخالف فعاقب من عارضه كان عمل المعارض من أفضل القربات ، وصار صاحبه شهيداً ، بل أفضل الشهداء .
وسواء أكان التعبير عن الرأي المعارض مؤدباً أو غير مؤدب ما أدى ذلك إلى إقصاء مبديه وهذه أمثلة لذلك :
(1) الحباب بن المنذر يعارض خطة النبى صلى الله عليه وسلم فى بدر ولكنه كان غاية فى الأدب فى التعبير عن رأيه ، قال له الحباب: أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه أم هو الرأى والحرب والمكيدة ؟ قال (لا بل هو الرأى والحرب والمكيدة) قال فإنه ليس بمنزل، انهض حتى نأتى أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه ... الحديث
(2) فى غزوة الأحزاب وقد عظم ذلك البلاء واشتد الخوف بعث رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إلى عيينة بن حصن وإلى الحارث بن عوف وهما قائدا غطفان فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه فجرى بينه وبينها المراوضة في الصلح حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح ثم بعث رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فذكر لهما ذلك واستشارهما فيه فقالا يا رسول الله أمرا تحبه فنصنعه أم شيئا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به أم شيئا تصنعه لنا قال بل شيء أصنعه لكم والله ما أصنع ذلك إلا أني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما فقال له سعد بن معاذ يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى أو بيعا فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا ما لنا بهذا من حاجة والله لا نعطيكم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأنت وذلك
(3) فى حديث ذو الخويصرة الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أرى قسمة ما أريد بها وجه الله فقال صلى الله عليه وسلم : ويحك .. من يعدل إن لم أعدل أنا ؟ أيأمنني الله في السماء ولا تأمنوني " هو تعبير عن الرأى بمنتهى العنف والقسوة ، وهو رأى بعيد فيه اتهام مباشر لولى الأمر المؤيد بالوحى من السماء ، ومع هذا لم يقصه النبى صلى الله عليه وسلم ولما أراد الصحابة ضربه فقال : معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابى
(4) لما ولى أبو بكر الخلافة كان أول مال قال : " أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني ... أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم " فهل قومونى هذه لا تعنى معارضة الحاكم وهل كان أبو بكر مخالفاً للشرع حين طلب ذلك من المسلمين ؟ ليؤكد مبدأ الحرية السياسية، وحق الأمة في نقد سياسة الإمام وتقويمه
وقال عمر: (لن يعجز الناس أن يولوا رجلاً منهم فإن استقام اتبعوه، وإن جنف [أي مال] قتلوه، فقال طلحة: وما عليك لو قلت: إن تعوج عزلوه؟ فقال عمر: لا، القتل أنكل لمن بعده.
وقد جاء الأشعث ومعه جماعة من أهل الكوفة إلى عمر يطلبون منه عزل سعد بن أبي وقاص ، فعزله نزولا عند رغبتهم، مع ثقته بسعد، ثم سألهم عمر فقال: إذا كان الإمام عليكم فجار ومنعكم حقكم وأساء صحبتكم ما تصنعون به؟ قالوا: إن رأينا جورا صبرنا. فقال عمر: لا والله الذي لا إله إلا هو، لا تكونون شهداء في الأرض حتى تأخذوهم كأخذهم إياكم، وتضربوهم في الحق كضربهم إياكم، وإلاّ فلا
(5) معارضة عمر لأبى بكر فى قتلا المرتدين .ابو بكر واجه المرتدين بكل قوة وصلابة وحزم وشجاعة ، ورفض مهادنة مانعي الزكاة رغم قلة الجند الإسلامي ومشورة كثير من الصحابة له بذلك منهم عمر بن الخطاب ، فقال -رضي الله عنه- قولته الشهيرة: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه" وقال لعمر بن الخطاب: "أجبار في الجاهلية ، خوار في الإسلام؟ إنه قد انقطع الوحي وتم الدين، أوَ ينقص وأنا حي؟ "والله لأقاتلنهم ما استمسك السيف في يدي ، ولو لم يبق في القرى غيري"
فشرح الله صدر عمر ووافق أبا بكر
(6) لقد كان عمر بعيد النظر ، لقد علم أن كل أرض يغنمها المسلمون لا ينبغى تقسيمها على الغزاة ، بل اتجه أن يبقى بعضها حتى تكون عوناً للمسلمين ووقفاً لأبناء المسلمين والأجيال القادمة ولذلك لما فتح المسلمون الشام عنوة طالبه الصحابة أن يقسم أرضها عليهم فرفض وكذلك أرض السواد بالعراق معللا ذلك أنه يريد أن يتركها للأجيال فعن إبراهيم التيمي قال: لما افتتح المسلمون السواد قالوا لعمر: اقسمه بيننا فإنا فتحناه عنوة، فأبى وقال: فما لمن جاء بعدكم من المسلمين؟ وأخاف إن قسمته أن تفاسدوا بينكم في المياه. قال فأقر أهل السواد في أرضهم، وضرب على رؤوسهم الجزية، وعلى أرضهم الخراج ؟ ولم يقسمه بينهم .والشئ نفسه فعله فى أرض الشام ، قال بلال لعمر بن الخطاب في القرى التي افتتحوها بالشام عنوة: اقسمها بيننا وخذ خمسها، فقال عمر: لا، هذا عين المال، ولكني أحبسه فيما يجري عليهم وعلى المسلمين، فقال بلال وأصحابه: اقسمها بيننا، فقال عمر: اللهم اكفني بلالا وذويه؛ قال: فما حال الحول ومنهم عين تطرف.
(7) في عهد عثمان ظهرت جماعات منظمة معارضة لسياسة عثمان - رضي الله عنه - وقد بدأت في البصرة والكوفة ومصر واستطاعت أن تستقطب إلى صفوفها بعض الصحابة كعمار بن ياسر الذي أرسله عثمان - رضي الله عنه – لمعرفة أخبار هذه المعارضة في مصر، فانضم إلى صفوفها(
وقد طالبت هذه المعارضة بما يلى :
١- الإصلاح السياسي باختيار أمراء جدد للأقاليم وعزل الأمراء الذين يشتكي منهم الناس،
٢- الإصلاح الاقتصادي بالقسم وتوزيع الفيء والأموال بالعدل والتساوي.
٣- الإصلاح الإداري باستعمال ذوي الأمانة والقوة من المسلمين في الأعمال الإدارية للدولة، بدلا من الأقارب وهو مبدأ تكافؤ الفرص.
وقد تم الاتفاق بينهم وبين الخليفة الراشد عثمان - رضي الله عنه - على هذه الشروط، وتم توثيقها بحضرة على رضي الله عنه وقد أثنى عثمان - رضي الله عنه عليهم ما رأيت ركبا كانوا خيرا من هؤلاء الركب، والله إن قالوا إلا حقًا، وإن سألوا إلا حقا
لقد أدرك الخليفة والصحابة الذين معه مشروعية ما قام به المعارضون من معارضة جماعية لسياسة السلطة، ولهذا أقرهم عثمان على ما فعلوا، ووافق على شروطهم،وكذا أقرهم الصحابة الآخرون، ولو كان ما فعلوه منكرا لما جلس معهم
ولهذا قالت عائشة - رضي الله عنها - عندما بلغها خبر كاذب وهي في مكة؛ أن عثمان – رضي الله عنه – قتل الوفد المصري: (إنا لله وإنا إليه راجعون ! يقتل قوما جاءوا يطلبون الحق وينكرون الظلم، والله لا نرضى ذا
وقد قال عثمان - رضي الله عنه - لمن حاصروه: (ماذا تريدون؟ قالوا: نقتلك أو نعزلك. قال: أفلا نبعث إلى الآفاق فنأخذ من كل بلد نفرا من خيارهم فنحكمهم فيما بيني وبينكم، فإن كنت منعتكم حقا أعطيتكموه وهذا يؤكد مبدأ التحاكم إلى الأمة عند وقوع التنازع بين السلطة وبعض فئات المجتمع
(8) فى عهد سيدنا على حدث خلاف بينه بين معاوية بن أبى سفيان وانقسم المسلمون إلى فريقين بسبب أخذ الثأر من قتلة عثمان ، فكان على يريد تأجيل هذا الأمر لحين استباب الأمن فى البلاد بينما يرى الرأى الآخر ضرورة الإسراع فى تنفيذ الحكم على قتلة عثمان وبسبب هذا الأمر تطور التراع ، وتمخض عن ظهور حزبين رئيسين يتقاسمان الدولة الإسلامية: حزب علي وشيعته من أهل العراق، وحزب معاوية وشيعته من أهل الشام، بينما اعتزل كثير من الصحابة في المدينة كلا الحزبين، ولقد أدرك كلا الحزبين أن القتال لا خير فيه للأمة، وأن الحل هو في التحاكم إلى الكتاب والسنة، وجعل الأمة حكما فيما بينهما، تختار من تشاء وتعزل من تشاء، فاختار أهل العراق أبا موسى الأشعري، واختار أهل الشام عمرو بن العاص، على أن ينظرا في الأمر ... إن قصة التحكيم هذه دليل واضح على أن الأمة هي الحكم في اختيار من تختاره للإمامة، كما أن فيما حصل بين الحزبين دليل على تجذر الحزبية السياسية، ومشروعية الانتماء السياسي، وهو الميل مع طرف دون طرف، بدعوى أنه الأجدر بقيادة الأمة
فالتحاكم إلى الأمة لتختار من ترضاه؛ إذ هي صاحبة الحق ابتداء وانتهاء، فلا يحق لأحد أن يفرض نفسه عليها بالقوة. وهذا ما أدركه علي ومعاوية - رضي الله عنهما - بموافقتهما على
(9) كان أول خروج بالسلاح فى عهد سيدنا على من تكتل فكرى مسلح وهم الخوارج ، لقد خرجوا عن طاعته، وكانوا يطعنون فيه، وهو يخطب على المنبر، فكان لايتعرض لهم، ولا يرى أن مثل هذه المعارضة تستوجب قتلهم، أو حبسهم، بل قال كلمته المشهورة التي أصبحت قاعدة راسخة في التعامل مع : " لهم علينا ثلاث: ألا نبدأهم بقتال مالم يقاتلونا، وألا نمنعهم مساجد الله أن يذكروا فيه اسمه، وألا نحرمهم من الفيء مادامت أيديهم مع أيدينا و اشترط مقابل ذلك عليهم فقال :على ألا تسفكوا دما حرما، ولا تقطعوا سبيلا، ولا تظلموا ذميا.
فلم يعرف المسلمون في تاريخهم حروب الاضطهاد الديني أو استئصال الطوائف المخالفة في الرأي كما حدث في أوربا لرسوخ مبدأ الحرية بمفهومه الشمولي منذ عصر الخلفاء الراشدين.
نحن أمام فصل جديد فى حياتنا ، نحتاج فيه إلى المطالبة بحرية الرأى والتعبير السلمى الذى يهدف إلى الصالح العام ، لا ينبغى بعد اليوم أن نسكت عن حقوق أمتنا ونفرط فيما حققناه ، بالأسلوب السليم والتعبير الواعى الدقيق لمتطلبات المرحلة ، إن الخوف من الإسلام بعد هذا العرض يصبح شيئاً غير مقبول له أجندته الخاصة ، فالممارسة السياسية لم ولن تكون إلا فى بيئة تمتع بالحرية مثل البيئة التى ذكرناها ، فلم يكن الإسلام يوماً حكراً على الممارسة السياسية الفاعلة ولا على كتم الآراء ، ولا على نزع حريات الناس فى التعبير ، ولا منعاً من تداول السلطة بشكل سلمى ترتضيه الأمة .
إننا ما رأينا هذه المصطلحات إلا فى ظل غياب المنهجية الإسلامية ، فما منع الناس من الجهر بآرائهم إلا فى غياب المنهجية الإسلامية ، وما منع الناس من تداول السلطة سلمياً إلا فى ظل غياب هذه المنهجية ، ولا تم الاعتداء على المال العام بأبشع الاعتداءات إلا فى غياب تلك المنهجية .
إننا فى حاجة ماسة لتفهم روح الإسلام وتنزيله على قضايا العصر بصورة سليمة ممنهجة ، علينا أن نحمل للناس نظاماً يشعرون فيه أنهم كانوا من قبل فى عصور الظلام والجهل والتخلف والحرمان والعبودية ، علينا أن نعبر عن إسلامنا بطريقة حضارية لا بصورة صاحب الأفق الضيق
نحن أيضاً فى حاجة ماسة للتعريف بمزايا هذا المنهج وأن الخوف منه لا مبرر له ، وأنه بدلاً من الطعن فيه أن نعطيه الفرصة ليقول كلمته ثم نحاسبه .
نحن أيضاً فى حاجة ماسة للتمسك بكل مكتسبات الثورة من الحرية ، الحرية فى أن نقول رأينا فى بلدنا بحب وتغليب للمصالح العامة على المصالح الضيقة ، ولا سكوت بعد اليوم على أى طاغية يريد أن يحكم منفرداً بعيداً عن نبض الشعب .
هذا هو الإسلام فهل استوعب أبناؤه وأعداؤه هذا الدرس ؟أي
آخر اخبارنا
اهم الفاعليات لهذا الشهر
شهادات العملاء
من بين عدة انظمة للمحاسبة وقع اختيارنا على آفاق للمحاسبة لانه مناسب لطبيعة نشاطنا وانتشار فروعنا في مناطق مختلفة
آفاق للحسابات العامة نشكركم على هذا المنتج الرائع والي مزيد من التقدم والرقي لهذا المنتج الرائع
نقاط البيع واصدار الفواتير عبر نظام آفاق بالفعل هو الافضل مع تجربتنا لاكثر من نظام محاسبي كان آفاق الافضل من بينها
الشبكات الإجتماعية
الوسوم
تغريدات تويتر
-
web3jba @web3jba 4h
"برنامج محاسبة: برنامج محاسبة الى كل الشركات التى تقوم بمشاريع ذات تكاليف كثيرة لديك الان… https://t.co/Y9aiYAxLTN"
عرض التغريدة -
alkhateeb_groub @alkhateeb_groub 4h
"شاركنا باسم افضل برنامج محاسبة تعمل عليه ؟؟ مجموعة الخطيب للمحاسبة والتدقيق والتحكيم المالي والاستشارات الضريبية"
عرض التغريدة -
edara_arabia @edara_arabia 4h
"مجانا : برنامج #محاسبة متكامل هذا البرنامج يمكنك من تسجيل الدخل والمصروفات وعمل #ميزانية الشهرية والسنوية... https://t.co/hiWH94zgk3"
عرض التغريدة -
egydrem @egydrem 4h
"#إيجي_موب : برنامج حسابات رائع قد تدفع الكثير من المال فى برنامج معقد لن يفيدك فى شئ وقد تدفع القليل فى برنامج... http://t.co/mcFDTffZ7R"
عرض التغريدة