ماذا تعرف عن الرازي الذي تحتفل جوجل بذكري ميلادة الـ 1147



قبل 600 عام كان لكلية الطب الباريسية أصغر مكتبة في العالم، لا تحتوي إلا على مؤلف واحد، وهذا المؤلف كان لعالم مسلم جليل ، وكان هذا الأثر العظيم ذا قيمة كبيرة بدليل أن ملك المسيحية الشهير لويس الحادي عشر اضطر إلى دفع اثني عشر ماركاً من الفضة ومئة تالر (Taller) من الذهب الخالص لقاء استعارته هذا الكنز الغالي، رغبة منه في أن ينسخ أطباؤه نسخة يرجعون إليها إذا ما هدد مرض أو داء صحتة وصحة عائلته ! وكان هذا الأثر العلمي الضخم يضم كل المعارف الطبية منذ أيام الإغريق حتى عام 925 بعد الميلاد، وظل المرجع الأساسي في أوروبة لمدة تزيد على الأربعمائة عام بعد ذلك التاريخ، دون أن يزاحمه مزاحم أو تؤثر فيه أو في مكانته مخطوطة من المخطوطات الهزيلة التي دأب في صياغتها كهنة الأديرة قاطبة، إنه العمل الجبار الذي خطته يد عربي قدير ! ولقد اعترف الباريسيون يقيمة هذا الكنز العظيم وبفضل صاحبه عليهم وعلى الطب إجمالاً، فأقاموا له نصباً في باحة القاعة الكبيرة في مدرسة الطب لديهم، وعلقوا صورته وصورة عالم مسلم آخر في قاعة أخرى كبيرة تقع في شارع سان جرمان، حتى إذا ما تجمع فيه طلاب الطب وقعت أبصارهم عليها ورجعوا بذاكرتهم إلى الوراء يسترجعون تاريخه ليعلموا من كان؟ !! هذا الرجل كان الرازي (أبوبكر محمد بن زكريا) طويلاً وقوياً، أشقر الشعر لم يتميز على رفقاءه في صغره في شيء بل كان اعتيادياً كالبقية دون أن تبرق بارقة تنبئ بنبوغه الفذ. لقد اهتم كغيره بالدراسات الفلسفية واللغوية والرياضية، ثم تعاطى الموسيقى فبرع فيها، وأصاب شهرةً محلية كمغنٍ وعازف وظل على هذه الحالة حتى الثلاثين من عمره، ثم ضاق ذرعاً بهذا الفراغ الدائم وبهذه الرتابة، فعزم على تغيير حياته جذرياً، فأدار ظهره لمدينته الأم (الري) في خراسان وانطلق سعياً وراء تحقيق آماله وطموحه نحو مدينة الشفاء، ومدينة السلام، إلى بغداد عاصمة الدنيا قاطبة آنذاك. وبعد عمل دؤوب اشتهر الرازي بمعارف طبية واسعة لم يعرفها أحد قط منذ أيام جالينوس، وكان في سعي دائم وراء المعرفة، باحثاً عنها في صفحات الكتب وأسرة المرضى. وكان حصاد هذه الحياة الحافلة عظيماً هائلاً إذ خرج إلى الوجود بـ 230 عملاً ضخماً وترجمات ومخطوطات، وإلى جانب هذا الدفق من المخطوطات والكتب تكدست ثلة من الورق أُخذت إلى أخته خديجة بعد موته فقرأت بعضاً منها وحكمت عليها بالتفاهة وأبقتها لديها في صندوق مغلق دونما اكتراث، وبقي هذا الصندوق مغلقاً سنوات طويلة حتى جاء ابن العميد وزير السلطان إلى مدينة (الري) حيث البيت الذي مات فيه الرازي، فدفع لأخته خديجة كمية كبيرة من النقود وأخذ الصندوق معه !!

لقد علم الرازي كل المسلمين التفكير الطلق والنظر الحر، ورسالته عن (الحصبة والجدري) التي كتبها بعد ملاحظة دقيقة لظواهر المرض وتطوره، ورسم فيها صورته الكاملة، ظلت المرجع الأول والأخير في أوروبا حتى القرن الثامن عشر، وعدت أحسن ما صنف عن الأمراض المذكورة فيها، ثم فرق بين مرض النقرس والروماتيزم، وإليه يعود فضل استخدام خيط الشعر في العمليات الجراحية في القرون الوسطى.

لكن، سبحان الله، إن الرجل الذي أحيا نور الأمل في قلوب الكثيرين، قد فقد نو عينيه، ولقد كان يوم أسود في حياة الرازي عندما جاءه طبيب آخر ليجري له عملية في عينيه إنقاذاً لبصره، وقبل أن يشرع الطبيب في عمليته، سأله الرازي" عن عدد طبقات أنسجة العين" فاضطرب الطبيب وصمت، عندئذٍ قال الرازي:( إن من يجهل جواب هذا السؤال عليه أن لا يمسك بأيه آله ويعبث بها في عيني)، وبالرغم من كل الإلحاح ومحاولات الإقناع بإمكانية الشفاء بواسطة العملية، ظل الرازي رافضاً لها مردداً:"لقد شاهدت الكثير من هذا العالم وقد شبعت" !!!!!!!




مواضيع متعلقة


اهم الفاعليات لهذا الشهر


الشبكات الإجتماعية

تغريدات تويتر