قصة المليونير البريطاني بريان بورني

: 14/03/2017 03:15:05 - : 31/12/1969 03:00:00

قصة المليونير البريطاني بريان بورني

قصة المليونير البريطاني بريان بورني


ترجمة - كريم المالكي:
قد تكون قصة المليونير البريطاني بريان بورني واحدة من القصص الغريبة في عالم مالكي الثروات لاسيما أن طموح هذا الرجل في أعمال الخير لا يتوقف عند حد معين وإنما يريد الموت وهو مفلس، وهذا هو السبب الذي يمكن أن يفسر القرار الذي اتخذه بتقديم ثروته الهائلة إلى أعمال الخير وإنفاقها على قضايا إنسانية بحتة.



فبعد أن باع هذا المليونير قصره الذي يسمى دوكسفورد هول بعام 2009 وحول ملايينه إلى مساعدة مرضى السرطان، أقدم مؤخرا على بيع منزله الصغير الآخر الذي يقع في بلدة بنيوكاسل، وكان بورني يعيش فيه مع زوجته شيرلي، التي تعاني من مرض سرطان الثدي. ويعتقد بورني أن مبلغ بيع المنزل المكون من خمس غرفة والذي بلغ حوالي 600 ألف جنيه إسترليني يساعد أيضا في أعمال الخير.


ويضحك بورني على أصحاب الملايين الذين يحصلون على كل شيء في الحياة، ويدركون أنهم لا يستطيعون أخذ ثرواتهم معهم. ويقول بورني: "بمجرد المشاركة والانخراط بأعمال الخير ليست هناك عودة إلى الوراء، ويضيف كنت أعرف أن مثل هذا العمل حليفه النجاح، ولكن لم أعتقد أنه سيكون بهذا الحجم. وحينما يقدم بورني التبرعات يكون مبتهجا وإيجابيا ، في حين أن معظم أصحاب الملايين يصابون بالذعر لمجرد فكرة احتمال توقع انكماش بحجم ثروتهم.


فهل نستطيع أن نرى يوما مليونيراعربيا يمنح ثروته وأملاكه إلى أعمال الخير وهو ما زال حيا؟
عندما باع بورني قصره في عام 2009 بدا الأمر عاديا بالنسبة له رغم إعلانه أنه فقد الجزء الأكبر من ثروته التي قدرت في مرحلة من مراحل حياته بحوالي 16 مليون جنيه إسترليني، ويدرك بورني الذي يبلغ من العمر (68 عاما) جيدا ما أقدم عليه لاسيما أنه قد تنازل عن منزل أكثر من مجرد قصر. ويقول وهو أب لثلاثة من الأبناء، بعد أن منح معظم قيمة المنزل المادية لصالح الأعمال الخيرية، إن أهم شيء بالنسبة لمعظم الناس هو المال، ولكن بالنسبة لي فإن الأمر ليس كذلك. ويتلخص طموحي بأن أموت ولا أملك شيئا. فنحن البشر نأتي إلى هذا العالم ولا نملك شيئا، فيجب علينا أن نغادره من دون أي شيء".


أما بالنسبة لزوجته شيرلي التي تبلغ من العمر (60 عاما) فإنها تتعامل مع صفقة بيع منزلهم الفاره والراقي في نورثامبريا، باعتبارها مجرد حلقة أخرى في مغامرات زوجها غير العادية التي امتدت على مدار 27 عاما من عمر زواجهما وتقول زوجته شيرلي وهي تضحك: "أريد الحصول على رغبتين فقط: أولهما أريد العيش في مكان ما وأن يكون لديّ أي شيء أعيش به".


ويمكن أن يأتي هذا التصرف في وقت يذهب فيه جشع الكثيرين من الناس نحو مَدَيات بعيدة، ومع أن أعمال بورني الخيرية تكشف طمع الآخرين لكن لا يبدي هؤلاء أي اهتمام بإعلان بورني عن تبرعاته. ومن الممكن مشاهدة محاولات لتبرير هذا الطمع الذي يستحوذ على السلوكيات، في حين أن هذا التصرف الصحيح الذي يأتي من مليونير ويقول فيه: "فعلت ذلك ببيعي منزلا فخما نسبيا" يجب أن يشكل خطوة تحظى بالترحيب.


لقد خطط بورني، الذي بدأ حياته العملية في سن الخامسة عشرة كصبي بقالة يسلم الأشياء للزبائن، لبيع قصره الفندق المكون من 25غرفة نوم ومنتجع صحي، والذي بني على 10 أفدنة في الريف القريب من ألنويك. وقد أصر على عملية البيع وحول العائدات مباشرة لتمويل ماري كوري أو ممرضة السرطان ماكميلان، وكذلك دفع ثمن مجموعة من السيارات لنقل مرضى السرطان إلى المستشفى.


ويضيف بورني "لم أكن أريد الانتظار حتى أصبح في السبعينيات أو الثمانينيات من عمري لأقوم بهكذا أعمال بل أردت تنفيذ رغبتي قبل ذلك، لقد عشت في دوكسفورد هول منذ عام 1993 لكني وجدت نفسي مستعدا للعيش في مكان أصغر، ويكون فيه من السهل عليّ أن أعتني بنفسي وبالمكان. ويؤكد بورني :"يمكننا جميعا أن نفعل شيئا ما من خلال ترك المال للجمعيات الخيرية عندما نصبح في عداد الأموات ولكن لماذا لا نفعل شيئا بينما نحن لا نزال على قيد الحياة؟ وشخصيا أضحك على المليارديرات الذين يحصلون على كل شيء في الحياة، ويدركون أنهم لا يستطيعون أخذ ثرواتهم معهم".


وربما هناك من ينظر إلى قرار بورني أنه عمل دعائي لكن ميوله نحو العمل الخيري عميقة الجذور في نفسه بل إنه يقع في صميم شخصيته. وبالتحديد بدأ بورني العمل الخيري عندما كان فتى صغيرا ويسكن في غرفة معيشة صغيرة في نيوكاسل لا يوجد مرحاض في داخلها، وبدأ عمله الخيري من هذه الغرفة البائسة.


ومن بين أول ذكرياته عن العمل الخيري أن والدته طلبت منه أن يأخذ طبقا من الحساء إلى جارتهم المسنة. ويقول بورني :"إن المرأة كانت فقيرة جدا، وفي تلك الأيام كانت الوجبة التي تكفي لأربعة يمكن أن تصبح بسهولة لخمسة حتى لو كانت من البطاطس المهروسة فقط، وقد ترك هذا الموقف أثرا كبيرا في نفسي بحيث سألت أمي لماذا تفعلين ذلك. وجاءني جوابها من أنه أقل شيء يمكن أن يفعله الإنسان وإذا لم تفعل ذلك فإن شخصا آخر سوف يقوم به.


ويضيف بورني"الإنسان يكون على ما عليه والداه وعلى الرغم من أنه عندما كنت طفلا لم يكن لدينا الكثير لكننا كنا نشارك الآخرين بكل شيء حتى صرت افترض أنها العملية الطبيعية. ولا أعتقد أن عليك أن تموت وأنت لم تفعل شيئا جيدا. "وبعد أن قدم بورني رسائل جيدة في هذا النطاق وهو ما زال مراهقا تم تدريبه في شركة جون لينغ للبناء، حيث تأهل ليصبح مهندسا. وانتقل إلى عالم البناء قبل بدء التوظيف في شركة كيلبورن القابضة في أواخر السبعينيات.


وعلى الرغم من أنه حقق ثروة كبيرة لكنه ظل شخصا من النوع المقتصد. وحينما طلب منه أن يقول أي شيء يرغب في الحصول عليه بفضل ما يملكه من أموال، قال إنه يريد سترة "باربور" جديدة لأن كل ما لديه من المعاطف قديمة واشتراها منذ زمن طويل. أما الشيء المفضل لديه في المنزل هو الاستماع إلى تكتكة ساعة جده، في حين أن أكثر شيء يحبه هو مشاهدة شروق الشمس. كما أنه لا يشرب الخمر و لا يذهب إلى المسرح أو السينما إلا ما ندر. كما أنه لا يكره السفر وحسب بل إنه لا يغادر مدينته.



 ويقول"حينما أكون في الحديقة هي مكاني الأسعد، ولا يوجد مكان آخر أفضله بدلا عنها". وأفضل إجازة قضاها بورني في حياته على الإطلاق كانت شهر العسل. وكلما أصبح أكثر ثراء كان لديه المزيد من المال يتبرع به للآخرين. وفي اليوم الذي تزوج فيه شيرلي وبعد دفع المصاريف من السحب المكشوف طلب من المدعوين عدم إعطاء الهدايا ولكن تبرعوا لمركز تينيسايد لأبحاث سرطان الدم.


وكان كرم بورني سببا بدخوله كتاب غينيس للأرقام القياسية، وذلك بعد ان استضاف عشاء الأسماك والرقائق الأكبر في العالم. وكان بمناسبة الذكرى السنوية الستين لاستسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية حيث خدم 2500 من الجنود السابقين في حفل مليء بالمتعة.


وفي وجبة طعام نفذت بأسلوب عسكري تم قلي ما يقرب من طن ونصف من السمك والبطاطا قبل أن يتم نقلها بطائرة هليكوبتر خاصة. وقد فشلت محاولته تلك لأسباب فنية في الوصول إلى كتاب غينيس ولكن بسبب ما أحدثه الحفل من متعة أصبح حدثا سنويا وقد دخل الآن بموسوعة غينيس. كما أنه أصبح أيضا يجمع المال بطريقة أكثر مباشرة من خلال رعاية الحفل.


ورغم عدم ركوبه دراجة هوائية لأكثر من 40 عاما شارك بورني في رحلة لمدة أسبوع، لمسافة 500 ميل من برلين إلى وارسو وكان برفقة أولاده. واعترف بورني "كانت رحلة عذاب، وليس هناك من كلمات أخرى لوصفها ، ولكن يوجد الكثير من الفعاليات التي تحفزنا". إن عمله الخيري امتد إلى نواح عدة: لقد تمت زراعة منطقة ضخمة بأزهار النرجس البري لتصبح حقل أمل لمركز ماري كوري لرعاية السرطان، كما دعي قبل 10 سنوات مئات الأطفال إلى قصر دوكسفورد هول للمساعدة في أكبر مصنع في بريطانيا.


ويقول بورني :"نحن نعيش في مجتمع الإنسان ، ومن المهم بالنسبة لي دائما التفكير في الآخرين ، أريد أن أساعد مرضى السرطان الذين يعيشون أياما عصيبة من جراء المرض لاسيما من حيث الحصول على العلاج. ويقول بورني: إن محاسبي يعتقد أنني مجنون ،حيث يقول لي"بريان، على الأرجح إنك تمتلك أكبر قلب في العالم، ولسوء الحظ إنه في جسد رجل عجوز".


لقد اشترى بورني قصر دوكسفورد هول قبل ستة عشر عاما مقابل 500 ألف جنيه استرليني. وكان يستخدم المنزل، الذي بني في عام 1818 من قبل المهندس المعماري جون دوبسون، كدار للمسنين. وحوله حسبما يرغب. ولم يتم ادخار أي أموال ليجعله أحد أفخم الفنادق. وبدا حجر نورثمبرلاند الرملي الأحمر رائعا وهو يزينه وعملت له سقوف مورلاند الغربية.


كما تم كسوة الأرضيات التي تبلغ مساحتها 2000 متر مربع بخشب البلوط الصلب الذي تم شحنه من روسيا. وعلقت لوحة في مكتب الاستقبال كتب فيها ما يلي: "إن الحلة الإبداعية الجديدة لفندق دوكسفورد هول أصبحت متاحة بفضل عمل خيرة الحرفيين في العالم."وفي الوقت الذي عرض فيه بيته للبيع توقع وكلاء العقارات أن تصل قيمته إلى أكثر من 16 مليون جنيه إسترليني.


وبعد نجاة زوجته من السرطان اشتدت "الرغبة القوية" لديه في أن يستعمل عائدات الفندق ويحولها لشراء أسطول من حافلات السرطان. ويقول بورني: "عندما أرى تلك المركبات وهي تنقل المرضى تعطيني قدرا كبيرا من المتعة الشخصية. ولم يكن الوحيد المقتنع ببيع المنزل بل حتى أبناؤه الثلاثة، لويز (25 عاما) وفيونا (24 عاما) واليستير (23 عاما) باركوا الخطوة.


وتقول زوجته شيرلي، التي تعمل في متجر لبيع الكتب المستعملة :"إن أبناءنا حصلوا على قروض طلابية من أجل الذهاب إلى الجامعة ولم يتوقعوا أبدا أن يكون لديهم المال. ومع ذلك فإنهم قد عرفوا بأن المال ذهب إلى المكان الثقة ألا وهو العمل الخيري.


 وهذا الشيء لا يزعجهم أبدا. ولكن حتى عندما يحقق بورني رغبته المتمثلة بإنفاق آخر بنس لديه يبقى لديه الكثير الذي يستحق التخلي عنه وهو دمه. وبعد جلسة تبرع أقيمت مؤخرا كشف أن واحدا من الإنجازات التي تدعوا للفخر بالنسبة إليه أن يكون واحد من المتبرعين بالدم. ويقول بورني "إن القيام بذلك لا يقدر بثمن على الإطلاق".


عن الديلي اكسبريس البريطانية
   




مواضيع متعلقة


اهم الفاعليات لهذا الشهر


الشبكات الإجتماعية

تغريدات تويتر