كانت ريا وسكينة من أعتى القوادات اللي موجودات في إسكندرية

 

كانت ريا وسكينة من أعتى القوادات اللي موجودات في إسكندرية وكانوا بيديروا مجموعة من بيوت الدعارة السرية غير البيوت الرسمية اللي بتدار بشكل علني ورسمي ومرخصة من الحكومة وكان لها حي مخصوص إسمه كوم بكير بتشرف عليها الحكومة بس كانت بتتميز البيوت الغير مرخصة أو السرية إنها بعيدة عن العيون وتحفظ المظهر الإجتماعي للزباين زائد إن البنات اللي شغالين فيها مبيكونوش مرخصين وممكن جدا يكونوا هواه او عندهم أشغال تانية وصورة إجتماعية تانية .

كانت الحالة الإجتماعية أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى هي الفقر المدقع الشديد بعد توقف جميع الأعمال ومحالج القطن والإستيراد والتفرغ التام للحرب دا اللي خلا معظم الرجالة يروحوا يشتغلوا في الخطوط الخلفية للجيش الإنجليزي في الهند والشام ويغيبوا سنين بين مفقود وميت ومنتظر رجوعه أثر دا بالسلب على كل مناحي الحياه بالذات على الحالة الأخلاقية والإجتماعية والدينية عند الناس في الطبقة اللي تحت خط الفقر اللي تخليهم يسرقوا الأكل لدرجة إن في علامات تعجب زي زوج سكينة الأولاني اللي كان توبها عن العمل في الدعارة لما غاب شهور كتير ورجع على أمل إن مراته تكون مستنياه ولقاها عايشة مع عبد العال كان رد فعله هو التذلل ليها إنها ترضى تعيش معاه وتسيب عبد العال وهي اللي كانت رافضة وكان حسب الله بيشجع ريا مراته على العمل في القوادة وبيتظاهر أمام الناس إنه ميعرفش عشان يحافظ على بعض من مظهره وشرفه كرجل صعيدي

كان في سوق إسمه سوق الفطيس وكان بيتباع فيه اللحوم والفراخ الميتة ولحوم الأحصنة الميتة وكان بيقبل عليها الفقراء لشرائها واكلها .

كان عز ومدى إزدهار تجارة ريا وسكينة ورجالهم لما عملوا شركة متكاملة الأركان في حارة النجاه , في الشارع محل لبيع الخمور وفي الطابق الأول محششة يتم فيها حرق الحشيش الغير مجرم في الوقت دا ومجرد غرامة وفي الطابق دا بيتم عرض البنات اللي عندهم كنوع من أنواع التسويق ذهابا وإيابا وفي الطابق الثاني لممارسة البغاء فقدروا يجمعوا بين ثالوث الجنس والخمر والحشيش في وقت واحد وكان الرجال بيقعدوا أمام البيت للحراسة والمتابعة والإشراف وتأديب أي حد يحاول يخرج عن النظام اللي وضعوه .



تعرضت شركتهم للكساد بفعل تقلبات السوق السياسية والإجتماعية كثورة 19 اللي شغلت الناس عنهم وفي لحظة بتكتشف ريا إن الستات اللي شغالة معاها أو اللي بتمارس عن طريق الهواية كلهم لابسين دهب وإن الدهب دا من خيرهم هما وهما الأولى به كانت الضحايا ما بين فتيات ليل مش هيكون ليهم أهل يسألوا عليهم أو زوجات بيمارسوا هوايتهم مع رجال اخرون في بيتهم فأقنعوا نفسهم إنهم من الصنف اللي يستاهل القتل .



وبالفعل قدروا يقتلوا 17 واحدة ست معظمهم من فتيات الليل والزوجات اللي يستحقوا كدا من وجهة نظرهم بإستثناء حالتين أو تلات حالات واحدة عشان سكينة كانت متغاظة منها وواحدة كانت إنتقام من جوزها رمضان النجار لإنه قال لحسب الله انت مراتك م ع . . ة فقرروا يكسروا عينه .



كان تعامل رجال البوليس وقسط اللبان اللي كان ملازق لبيت من البيوت اللي حصلت فيها الجرايم دي إنهم يتلقوا البلاغ من زوج الضحية وبعبقرية من ريا وفرقتها يتم تصدير الإشاعات في المنطقة دي إنها هربت مع راجل بتحبه فيكتفي البوليس بالمعلومات دي ويحفظ البلاغ .



وبعد طرد مستأجر بيت حارة النجاه وسكينة المستأجرة من الباطن بحكم قضائي للمالك يطلب المستأجر الجديد تركيب سباكة للبيت ولما يتم الحفر يتم إكتشاف الجثث اللي في بيت سكينة وكانوا تلاتة ومن المفاجات إن العمال لما تعمقوا في الحفر أثناء البحث عن جثث وجدوا إن أخرة الحفر فيه بئر مبني عليه البيت دا للأمطار وبينتهي عند البحر من أيام بناء الأسكندرية يعني لو كان حسب الله ورفاقه شدوا حيلهم شوية في الحفر كان هيظل الموضوع دا للأبد في علم الله



في التحقيقات مارست ريا وسكينة كل أساليب المراوغة واللف والدوران وتأليف الأكاذيب وتفزيع الشهود وإتهامهم بما ليس فيهم في شرفهم وعرضهم وفضحهم بما فيهم كنوع من أنواع ترهيبهم ودا اللي نجح ريا وسكينة إنها تشد معاها للمحكمة أكتر من واحدة مظلومة في موضوع القتل بس , بينما إتبع الرجال مبدأ الإنكار التام وكان لافت للنظر هو حب ريا لحسب الله جوزها والسعي الحثيث لتجنيبه أي شبهه ولو تشيل عنه الليلة كلها بس تحميه على عكس حسب الله اللي لو كان يقدر يقول إنه ميعرفش ريا ومشافهاش قبل كدا كان هيعمل كدا إلا إنه إكتفى إنه يقول إنه مطلقها من تلات سنين وإنها ماشية على كيفها وكان مصر إنه يلبس وكل أفراد العصابة الليلة كلها وإنه بيخاف ربنا وتم تغيير رئيس النيابة اللي مكانش عارف ياخد أي حق ولا باطل معاهم وجه رئيس تاني للنيابة الي أكد إنهم كدا في طريقهم للبراءة وأمر بالمزيد من الحفر فوجد المزيد من الجثث وإعتمد على بديعة وصلح الجرايم اللي إرتبكها سلفه إنه فصل بين كل المتهمين لإن دا كان بيديلهم فرصة للإتفاق على الأكاذيب ولغى التحقيقات الجماعية



كان الرأي العام بيغلي سواء من بشاعة ما يسمعه من تطورات جديدة في القضية كل يوم او ضد الشرطة اللي تم سلخها على مرأى ومسمع من الشعب كله كانت الأهرام مسمية القضية مجزرة نسوة اللبان وكانت الشرطة بترد وتقول إنها إكتشفت كذا فيرد المعارضين إن الصدفة هي اللي إكتشفت وتم توجيه الإتهام الصريح للشرطة بالتواطئ والمساعدة عن طريق أفرادها خاصة إن ريا كانت بتستخدم بعض الغفر في مساعدتها وتم التدليل على كدا بضعف الرواتب والرشوة وفرق الرواتب بين الضباط المصريين والإنجليز وتعامل الشرطة مع بلاغات الغياب وتغاضيها عن بيوت البغاء السرية وتطوع الشباب السكندري غنه يرشد الشرطة عن كل بيوت البغاء السرية لو ان الشرطة مش عارفاها هما يعرفوها طريقهم كنوع من أنواع الإستهزاء



ولما تم تحويلهم للمحاكمة وعشان ريا وسكينة وحسبالله وعبد العال معندهمش محاميين عينت ليهم المحكمة محامي لريا وسكينة ومحامي لعبد العال ومحامي لحسب الله وحظهم إنهم كانوا من الشخصيات العامة المحترمة اللي بعد كدا اصبح لهم باع في الحياه السياسية وأصيبوا بصدمة لما القدر والصدفة والحظ وضعتهم ان يكون الدور عليهم ويكونوا محامين في قضية زي دي , كان فيه شبه اتفاق بين كل الاطراف ان القضية دي تخلص في اسرع وقت لإن كل الاطراف اللي فيها كانت حاسة بحالة من القرف والصدمة وخلصت القضية دي في 3 ايام على 3 جلسات جلسة للشهود وجلسة للمرافعات وجلسة للحكم ومحاولش المحاميين إنهم يعطلوا سير القضية ببطلان الاجراءات ولا التشكيك في تقرير الخبراء ولا المطالبة برد المحكمة او تضارب الاعترافات بل بالعكس مناقشوش الشهود زي ما بيتم عصرهم في الحالات دي والشهود اللي مجاتش من شهود النفي ما ألحوش انهم يجوا كان فيه حالة من التعجيل بسبب إن الناس كانت واقفة على باب المحكمة عايزة تنفذ الحكم ومحدش كان عايز يتناقش في كم العهر دا في شهر الصيام , وكان اول شئ يعملوه المحامين في مرافعتهم هي الاعتذار للجماهير إنهم بيترافعوا في قضية زي دي وكان حسب الله ادعى انه اتضرب بالقلم عشان يجبر عالاعتراف لدرجة ان محامي حسب الله طلب تحويله لمستشفى الامراض العقلية وعبد العال امام المحكمة نفى اعترافه من الاساس امام النيابة فمحامي عبد العال اكد انه اعترف امام النيابة وانهم مياخدوش بكلامه انه معترفش وفي مرافعة سليمان عزت ضد المتهمين قاطعوا جسب الله وقال له حرام عليك يا اخي دمنا في رقبتك رد عليه وقاله نعم دمكم في رقبتي وومحدش عذبك زي ما بتدعي وركز الإدعاء على المطالبة بإعدام ريا وسكينة على الرغم إنه إستقر في ذهن القضاء عدم إعدام النساء لإن جرائمهم كان من الممكن يتاخد فيها مبرر للرأفة زائد إن الإعدام كان بيتم في ميدان عام ودا مكانش مسموح وإنه بيطالب إن ريا وسكينة يكونوا اول إمرأتين يتم إعدامهم .



كان الوحيد من أهالي الضحايا الحاضرين لجلسات المحاكمة هو رمضان النجار لانه يكاد هو اللي زوجته الوحيدة تم قتلها على سبيل الانتقام ومكانتش وفاتها بيصاحبها فضيحة لها او لأهلها المفاجأة ان الراجل دا كان رافع قضية على الداخلية انها تآمرت وتوطأت على قتل زوجته بإهمالها وإن أفرادها كانوا عارفين وكان طالب تعويض من الداخلية ب 300 جنيه وتعويض عن الصيغة من ريا وسكينة ب 150 جنيه



وكان الحكم برفض الدعوى ضد الداخلية وقبولها ضد العصابة



كمان كان من ضمن الاخطاء الكارثية للداخلية ان التحريات كانت ناقصة لدرجة ان الاسماء الكاملة للضحايا مكانتش معروفة لدرجة انهم كانوا 17 ضحية اتقال في البعض منها الاسامي الاولى بس ومنها اسم ضحية واحدة تم ذكره مرتين اسمها الحقيقي واسم الشهرة على انهم ضحيتين في حين لم يذكر اسم ضحية واحدة ولم يسع احد لمعرفته



لما القاضي حكم بإحالة الأوراق للمفتي الشيخ محمد علي وقتها محدش فهم معنى الحكم دا ايه من المتهمين والبعض منهم فهمه إنه براءة ولما القضية راحت للمفتي وكان بتتعدى ال 1500 ورقة ملحئش يقراها لإن كان الحكم بعدها بتلات أيام فرد على القاضي بجملة متى ثبت شرعا القتل العمد الموجب للقصاص يقتص من القاتل



كمان اترفضت الدعوى ضد الداخلية بس اتقبلت ضد ريا وسكينة انه يحصل منهم على 150 جنيه واصبح من ضمن الوراثين فيهم وفضل يحاول يقدم عرايض وطلبات انه يحصل على هدومهم وممتلكاتهم البسيطة للداخلية لحد سنة 31 بعدها بعشر سنين يعني



محدش عارف ليه ريا وسكينة بس هما اللي دخلوا التاريخ من باب الجحيم رغم ان أدهم الشرقاوي وهو كان بلطجي محترف وقاتل أجير قتل العشرات وتم إعتباره بطلا في السير الشعبية المفاجأة ان في نفس وقت ريا وسكينة وقبل اكتشاف جرائمهم كان فيه واحد اسمه محمود علام دا كان سفاح في طنطا قتل عشرات النساء من فتيات الليل كان بيتفق معاهم على قضاء الليلة ويصطحبهم معاه بعد ما يوهمهم انه من الاثرياء ويقتل الفتاه ويحرق جثتها في فرن عنده وياخد رأسها يدفنها عند ترعة إسمها الجعفرية لما اتقبض عليه اتحكم عليه بالاعدام بس جه قبل تنفيذ الحكم وأكد انه هيقول معلومات جديدة عن القضية ولكن في مقابل وقف  تنفيذ الحكم وفعلا ارشد عن 11 واحد من شركائه وتم وقف تنفيذ الحكم كانت المفاجأة الصادمة هي أن فيه 5 أفراد من البوليس كانوا بيتعاونوا معاه ويساعدوه برده لا توجد معلومات عن قضية محمود علام بما يكفي , دا غير جورج فلبيدس مأمور ضبط القاهرة ورئيس المكتب السياسي في وزارة الداخلية من وقت تأسيسه 1910 م لحد سنة 16 يوناني مصري اتحاكم بسبب تجاوزات في عمله عديدة رشاوي واتاوات من المعتقلين السياسيين والمجرمين ورشاوي من الضباط في مقابل ترقيتهم ومن تجار الاعراض والرقيق الأبيض كانت كل دي تهم اسباب كفيلة بتحميل الشرطة جزء كبير من مسؤوليتها في قضية ريا وسكينة وحتى لو بدون تواطئ فهي وصول العدد الضخم دا .



تم تنفيذ الحكم على المتهمين في 21 و 22 ديسمبر 1921 م



وفي تقرير الطبيب عن المسجونين بعد إعدامهم شنقا



إن ريا ( 35 سنة ) كانت باهتة اللون وحائرة قبل تنفيذ الحكم ولما إتسألت عايزة حاجة قالت تشوف بنتها بديعة رد المأمور وقالت انها شافتها من يومين ردت وقالت يعني مشوفش بنتي ؟ وأخر ما نطقت به أودعتك يا بديعة بنتي عند الله وقامت بنطق الشهادتين



بينما سكينة ( 20 سنة ) كانت جريئة ورابطة الجأش ولما سمعت تلاوة الحكم قالت هو انا يعني قتلتهم بإيدي ايوة انا قتلت واستغفلت بوليس اللبان والشنق ميهمنيش وقالت لشانقها وهو يوثق يداها هو انا رايحة اهرب ولا امنع الشنق بإيدي حاسب انا صحيح ولية بس جدعة والموت حق واخر ما قالت سامحونا يمكن عبنا فيكم ونطقت الشهادتين .



وأصبحوا أول إمرأتين يتم إعدامهم في تاريخ القضاء المصري



بينما كان عبد العال ( 24 سنة ) في حالته الطبيعية وجرئ جدا وأخر ما نطق به أثناء تلاوة الحكم ثلي ع النبي انا قتلت سبعة بس مش سبعتاشر ونطق الشهادتين



وكان كذلك حسب الله ( 27 سنة ) جرئ جدا واخر ما نطق به أنه صحيح قتل 15 بس مقتلش 17 ولو عاوزني أعدهم لكم واحدة واحدة ولو كنت عشت سنة كمان كنت قطعتلكم دابر العواهر وحرمتهم يمشوا في الشوارع , بتشنقونا عشان شوية عواهر وقال لشانقه , شوف شغلك كويس شد واربط زي ما انت عاوز كله موت ثم نطق الشهادتين وقال مندوب الأهرام إنه فضل يشتم في مأمور قسم اللبان والعواهر بألفاظ مينفعش تتكتب



بينما عرابي حسان كان أخر من تم إعدامهم اللي فضل يتبرأ من الجرم وقال انه هيقابل ربنا طاهر اليدين وأخر ما طلبه شربة ماء وفضل يقول مظلوم ونطق الشهادتين



في اليوم الاول لإعدام ريا وسكينة وحسب الله كانت النساء موجودة أمام سجن الحضرة مقر الإعدام تهتف عاش اللي قتل ريا عاش اللي قتل سكينة



بينما في اليوم الثاني كانت نساء الرجال المعدومين بيصوتوا على رجالهم اللي راحوا فطيس عشان شوية عواهر



وماتت بديعة بعد إيداعها بإحدى دور الرعاية بتلات سنين وإنقطع نسل ريا وسكينة وكانت ريا خلفت خمس أولاد توفوا فور ولادتهم وكإنها حكمة من ربنا إنه يقطع لها كل نسل وذكر لها من بعدها .



اتعرضت قضية ريا وسكينة لكل محاولات التجميل والترقيع في التاريخ سواء تجميل المجتمع والناس اللي موجودين أو صورة الداخلية دا كان واضح جدا في كل الأعمال اللي اتعملت عنهم واللي كلها ملهاش أي علاقة نهائيا بالواقع اللي إلا مسلسل عبلة كامل اللي عرض الحقيقة مبسطة ومجملة على إستحياء وقشور منها بينما هدف كل الأعمال التانية هو الإستغلال التجاري لأساميهم والربح المادي وتلميع صورة البوليس الشريف اللي بيحمي الأمن والمجتمع خلاصة الكلام دا ان دي صورة من صور مصر إبان ثورة 1919 وغني كنت فاكر إن الداخلية كدا من وقت الإنفتاح وتوحشت لما جه حبيب العادلي إتضح إنهم مولودين كدا



بحث وكتابة : عمرو علي



#Amr_Aly



المصادر : رجال ريا وسكينة سيرة سياسية وإجتماعية لصلاح عيسي

جريدة الأهرام : نوفمبر وديسمبر 1921

جريدة وادي النيل : نوفمبر وديسمبر 1921 م




مواضيع متعلقة


اهم الفاعليات لهذا الشهر


الشبكات الإجتماعية

تغريدات تويتر